فهل بعد الموت الموت يجد الملطان ذهبا وفضة ؟!
عجبنا والله أين ذهب بعقول الخلق .
﴿ وأخرجت الأرض أثقالها ﴾
﴿ وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ
لِّلْمُؤْمِنِينَ . إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ وَهُوَ
الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ . فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ
الْمُبِينِ . إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ
الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ . وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ
عَن ضَلالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم
مُّسْلِمُونَ . وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ
دَابَّةً مِّنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا
لا يُوقِنُونَ . وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِّمَّن
يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ . حَتَّى إِذَا جَاؤُوا قَالَ
أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْماً أَمَّاذَا كُنتُمْ
تَعْمَلُونَ . وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لا
يَنطِقُونَ ﴾
هل تعلمون لماذا قال هنا عز وجل : ﴿ وَيَوْمَ
نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ
يُوزَ عُونَ ﴾
؟!
لأن الحشر هنا لما قرر لكم قبل ليقفوا بين يدي مهديه وخليفته ورسوله عليه
الصلاة والسلام ليتم حسابهم بالجملة وتقرع رؤوس طواغيتهم هناك ويوبخوا أشد
التوبيخ ، حتى يعرفوا قدرهم تماما حين رفعوا رؤوسهم يطاولون الله تعالى
وأمره ، ولهذا نص على ذكر ذلك بعد خبر خروج الدابة لتسود وجوه وتبيض وجوه .
لكن انظروا لما أراد يغاير بين هذا الحشر والحشر الأكبر بعد بعث الموتى
كلهم الذي توهم عليه الجهلة في هذا الأمر العظيم وخلطوا في كل ذلك من غير
تمميز ، أنه قال بعد ذلك :
﴿ وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ
مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلا مَن شَاء اللَّهُ وَكُلٌّ
أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ﴾
فأكد هنا لما كان الزمان غير الزمان بقوله ﴿ وَكُلٌّ
أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ﴾
، وقبل نص بقوله ﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ
فَوْجاً مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ ﴾ ، ولم يقل بالكل
والجميع .
ونظيره ما قرره في سورة الزلزلة قوله تعالى ﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا
أَعْمَالَهُمْ ﴾
، وهنا لو كان المراد حشرهم من القبور لما كانوا أشتاتا ولهم إرادة في ذلك
، بل بالحشر الأكبر بعد الموت تسوقهم النار مع القردة والخنازير وسائر
المخلوقات ، لا أشتات وفود وليس لهم خيرة ، بل بعضهم يسير على وجهه ،
والبعض الآخر تأكله النار يعذب بها قبل النار الكبرى .
وصدقوني لما أقول لكم لهذا الهول القادم أن صدق من قال عن زلزلات المدينة
تلك أن سبب ذلك بأن :
(( حق لها ترتعش طربا لقرب التجلي ،
وأكثرهم لا يؤمنون )) اهـ .
وبشر عن الإمام عليه الصلاة والسلام أن له بذلك كتابا واسمه " بشراكم طيبة الخير والنور تتهيأ للقاء أحبابها "
.
والذي قررته لكم هنا درة من درر ذلك الكتاب .
﴿ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ .
يُنَبَّأُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ . بَلِ
الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ . وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ﴾