كيف تمشي؟ وكيف تجعل المشي عادة؟ ( الجزء الثاني)

:008:

من فاته الجزء الاول يمكنه مشاهدته قبل البدء بالجزء الثاني :

كيف تمشي؟ وكيف تجعل المشي عادة؟ ( الجزء الاول )

هل أُكثر من المشي؟

المدة الموصى بها هي من 30 – 60 دقيقة وبواقع 5 - 7 مرات في الأسبوع، ولم أقف على مرجع يوصي بزيادة مدة المشي عن هذا الرقم لتحصيل الفوائد الصحية العامة. مع أن هناك بعض الرياضيين الهواة الذين يمشون لمسافات طويلة تصل إلى 30 ميلاً في المناطق القروية (مشاة المسافات الطويلة) وعادة ما يضمون إلى هذا النشاط استكشاف المناطق والتخييم.

وقد بحثت كثيراً في الأدبيات التي تتحدث عن زيادة الإجهاد الرياضي (Overtraining) وما يمكن أن ينتج عنه من أخطار عامة على الصحة، وهذا الإجهاد يلاحظ لدى الرياضيين الذين يقضون ساعات طويلة في جهد عضلي متكرر وعنيف يومياً، مما يؤدي إلى ظهور أعراض الإجهاد الرياضي، حيث يعاني هؤلاء من بعض الأعراض، ومن هذه الأعراض: الأرق، وسهولة التهيج العصبي، وارتفاع ضربات القلب، وهبوط ضغط الدم، والشعور بالإجهاد وضعف الشهية، والشعور بالإحباط، وتكرر الإصابة بنزلات البرد.

وتنتج هذه الأعراض عن استهلاك بروتين العضلات في إنتاج الطاقة، بعد أن يستهلك الجلوكوز والدهون القابلة للتحريك، كما ينتج عن استهلاك بروتين العضلات مركبات بروتينية عديدة تتسبب في الأعراض المذكورة.

والإجهاد الرياضي لا ينطبق على من يمارسون المشي بالقدر الموصى به، وذلك لأن المشي رياضة هوائية (أي يستهلك فيها الجسم الأكسجين والجلوكوز والدهون لتحويلها إلى طاقة).

أما المشي لساعات طويلة من 3 إلى 5 ساعات يومياً فهي قليلة الحدوث، وينطبق عليها ما يتم في سباقات الماراثون والذي لا ينبغي أن يتم دون تمارين سابقة للتحضير تستمر حوالي 3 أشهر، وينبغي أن تتم تحت إشراف متخصصين.

ويحذر أطباء العظام وأخصائيو العلاج الطبيعي من آثار المشي لساعات طويلة على المفاصل والعظام والأربطة والأعصاب، والتي قد تنشأ من زيادة المشي وكثرة التمارين، وبالذات عند كبار السن. ومن مشكلات العظام والمفاصل التي قد تنشأ عن كثرة المشي لمسافات طويلة، المشكلات التالية:

1 ) ورم مورتون العصبي:

وهو ورم حميد يصيب الأعصاب التي تقع بين عظام أصابع القدم، وينشأ عن الإكثار من المشي، ومن الإكثار من الجري وبالذات على أرض صلبة، أو باستخدام حذاء ضيق. وسبب ألماً في القدم وضعفاً بالإحساس في جلد القدم.

2 ) متلازمة احتكاك الحزمة:

والحزمة المقصودة هي مجموعة من الأوتار الممتدة من عضلات الفخذ إلى الجهة الخارجية من عظم الساق تحت الركبة. ويحدث هذا الالتهاب في هذه الحزمة من الألياف بسبب المشي لمسافات طويلة أو على مسار مائل.

3 ) كسور الإجهاد:

وتسمى كسور المارشات العسكرية، ويصيب أولئك الذين يمشون لمسافات طويلة. والذي يحدث هو أن العضلات ومع طول مدة المشي تصاب بالإرهاق لدرجة أنه تفقد قدرتها على امتصاص صدمات القدم بالأرض فينتقل العبء إلى العظام مباشرةً، مما قد يؤدي إلى إصابة العظام بالشُعْر (الشروخ)، وقد لا يشعر المصاب بحدوث كسر في العظم وتصيب هذه الكسور أولئك الذين يبدؤون بالمشي أو الجري فجأة ولمدة طويلة أو بعد مدة طويلة من الراحة والخمول.

ويضاف إلى أضرار الإكثار من المشي، أن الوقت الزائد عن الحاجة الذي ينفق في المشي يمكن أن يستغل بطريقة أخرى بممارسة نوع آخر من النشاط البدني له هدف آخر غير رفع اللياقة وتحسين الصحة العامة. ومن أمثال ذلك ممارسة رياضات يتم فيها التركيز على عضلات الجزء الأعلى من الجسم لتقوية عضلات اليدين والرقبة، أو في ممارسة رياضات يقصد بها اكتساب مهارات أخرى مثل الرياضات ذات الطابع التنافسي كتنس الطاولة، أو الاجتماعي مثل الكرة الطائرة أو التنس الأرضي، أو رياضات ذهنية تنمي جوانب من القدرات الذهنية.

أين تمشي؟

من المهم أن يكون مكان المشي آمناً، وبأن يكون خالياً من التقاطعات والزوايا الحادة. ويتوفر ذلك بالمشي بالقرب من الأسوار الطويلة. ومن المهم هنا أن يكون مكان المشي بعيداً عن طرق السيارات بالقدر الآمن، حيث قد تجنح السيارة أثناء الحوادث إلى الأرصفة المجاورة كما ينصح بالبعد عن الشوارع المكتظة بحركة السيارات لتجنب التلوث. وعند السير في الأماكن قليلة الازدحام بالسيارات من المهم أن يكون المشي بعكس اتجاه حركة السيارات لكي يتم التنبه للسيارات القادمة من الأمام. ومن فوائد السير بعكس حركة السيارات تجنب أولئك الذين يعرضون خدماتهم بالركوب، ولا يدركون أن المشي هو هروب من استخدام السيارات.

أما المشي على السير الكهربائي، فمن إيجابياته أنه يسمح بممارسة النشاط في كل وقت بغض النظر عن الظروف الجوية، ويعطي الفرصة للمشي أكثر من مرة في اليوم، فبذلك قد يكون أنسب لأولئك الذين يمارسون المشي بهدف ضبط برنامج لتخفيف الوزن، وعادة ما يساعد على ضبط مقدار النشاط، ويتيح التحكم في سرعة البدء وضبط مدة الإحماء، إضافة إلى أنه مناسب للنساء إذا أحببن المشي أو حتى الجري في البيت لصعوبته في الأماكن العامة. ومن جهة أخرى فإن المشي على السير الكهربائي لا يحقق الفوائد النفسية من المشي، مع أنه يحقق الفوائد الجسمية من الحركة والنشاط.

ما هو الوقت الأفضل للمشي؟
هناك أوقات يكون المشي فيها أفضل من غيرها. فالمشي بعد صلاة الفجر مثالي للتأمل ويأتي بعد ساعات الراحة والنوم فيكون التفكير فيه صافياً ومركزاً. كما أن بداية اليوم بالمشي يوفر قدراً من النشاط وفرصة جيدة لاستغلال الوقت من ساعات النهار الأولى.

ومن الأوقات المثالية للمشي أيضاً المشي في بداية ساعات المساء، فهو أفضل لتخفيف التوتر المتعلق بالعمل، وأفضل لجلب النوم، وهو أفضل من تأخير المشي إلى ساعات متأخرة من المساء، حيث يعتقد بأن المشي المتأخر قد يؤدي إلى الأرق وصعوبة النوم.

ومما يميز النشاط البدني في المساء من بين بقية الأوقات ارتباطها بإفراز الهرمونات الحيوية مثل الكورتيزول والأنسولين وهرمونات النمو وغيرها وقد ورد ذلك في أحدى الدراسات التي كان فيها حجم العينة صغيراً (40 رجلاً).

والمشي بعد وجبه خفيفة في الساعات الأولى من الليل يساعد أكثر على الهضم كما يساعد على جلب النوم ويحسن طبيعته ويساعد تكرار المشي في نفس الوقت والمكان يومياً على غرس عادة المشي لدى الفرد والانتظام عليها.

ويعتقد المختصون أن ممارسة نشاط بدني كالمشي بعد الأكل ليس فيها ضرر على الشخص السليم، بل يعتقد أن ممارسة المشي بعد الأكل يساعد على حرق سعرات حرارية أكثر تقدر بـ 15% عما تحرق بدون الأكل.

ومع حقيقة أن المشي مفيد في كل الأوقات ولو بدرجات قد تتفاوت قليلاً، تظل النصيحة المثلى هي بالمشي في الوقت الذي يناسب كل شخص وظروفه.

ماذا تفعل أثناء المشي؟

مع أن المطلوب من المشي هو قضاء بعض الوقت في التفكير الصافي والتأمل دون مقاطعة، إلا أنه بالإمكان استغلال الوقت ببعض الأمور التي يمكن أداؤها دونه حرج، منها ذكر الله تعالى والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ومراجعة بعض المحفوظ من القرآن الكريم. كما يمكن إجراء بعض المكالمات الهاتفية أو إرسال بعض الرسائل النصية باستخدام الهاتف الجوال، أو تنظيم جدول المواعيد لمن يستخدم الجوال لهذا الغرض، أو الاستماع إلى المسجل أو الراديو، وغيرها من الأعمال الممكنة أثناء المشي.

المشي التأملي:

وتعني استخدام المشي للتركيز والتأمل وتركيز الأفكار في أشياء محددة. وقد اقترن استخدام المشي التأملي بقدماء الهنود. ومع التحفظ على استخدامات المشي التأملي لدى الهنود. فإنه بالإمكان استخدام هذه الممارسة للتأمل والتركيز وتعميق التفكير، وفي التدريب على تصفية التفكير والتركيز الذهني. وتقوم فكرة المشي التأملي على تركيز الفكر على موضوع واحد لفترة طويلة، مع مقاومة أي تشتيت في الفكر نحو موضوعات أخرى.

ومن أجل توفير مجال أكبر للتركيز والتأمل أثناء المشي، ينبغي تركيز النظر إلى الأرض على مسافة 5 إلى 10 أمتار إلى الأمام (وعدم النظر إلى القدمين أو رفع البصر إلى الأفق)، ثم البدء بالتركيز على أجزاء الجسم أثناء حركتها، كما يمكن التركيز على حركة دخول الهواء إلى الجوف وحركة الصدر والبطن أثناء التنفس مع أهمية أن يكون التنفس عميقاً وهادئاً بحيث يخرج كل الهواء من الصدر أثناء الزفير، وتمتلئ الرئتان تماماً أثناء الشهيق.

وبعد عدة دقائق من التركيز بهذه الطريقة، يبدأ التركيز في الموضوع المطلوب ومحاولة استمرار التفكير في نفس الموضوع وعدم انتقال الذهن إلى أي موضوع آخر غيره. ومما يعين على البقاء حول فكرة واحدة اختيار بعض العبارات القصيرة لترسيخ الفكرة والبقاء حولها وتكرارها بهدوء مع كل نفس. ويمكن أن يستمر التأمل حوالي 20 دقيقة. ومع التعود سيسهل استخدام المشي التأملي في التعامل مع كثير من المشكلات وبناء قناعات جديدة أو تغيير قناعات قديمة.

الجري أم المشي؟

أركز هنا على الفوائد الصحية العامة للمشي. وليس الحديث عن اكتساب اللياقة الرياضية التنافسية، أو إكساب عضلات الجسم القوة أو الاستعداد للمنافسات الرياضية. والمشي بالمواصفات المذكورة سابقاً يكفي جداً لتحصيل الفوائد الصحية العامة.

إن الجري وإن كان فيه اكتساب أعلى للياقة، إلا أنه وعند الحديث عن عادة مستمرة طوال العمر، فينبغي أن نتساءل عن أي آثار سلبية للانتظام في الجري على مدى سنوات طويلة. ويختلف العلماء في ذلك، حيث يعتقد البعض أن الجري المستمر ذو أثر سلبي على مفاصل الحوض والركبتين والكاحل، بحيث قد يعجل بشيخوخة المفاصل والالتهابات المزمنة. وينتج ذلك عن تكرار الاحتكاك والطرق على أرض أسمنتية أو إسفلتية صلبة. لذا ينصح بأن يمارس الجري بالذات على أرض ترابية أو عشبية، كما ينبغي المراوحة بين الهرولة حيناً والمشي السريع حيناً آخر.

ومن المعروف أن الجري يؤدي إلى أن تتحمل الساق ثلاثة أضعاف وزن الجسم عند القفز على ساق واحدة. وقد يكون هذا التأثير على مفاصل الكاحل والركبة والحوض أشد مع زيادة الوزن وقساوة الأرض ونوع الحذاء، لاسيما إذا كان الجري يمارس لسنوات طويلة.

نلتقي بالجزء الثالث

تحياتي